المقدمة لقاموس المدارس الابتدائية 


Go back to top
Report an error

Download/print PDF · Plain HTML


 

لودفيغ فتغنشتاين

المقدمة لقاموس المدارس الابتدائية

 

هذه النسخة الرقمية من المقدمة تعتمد على المخطوطة Ts-205 لفتغنشتاين كما تظهر في Bergen Edition of the Nachlass. أما نسخة PDF من القاموس (انتقل إلى أسفل هذه الصفحة لعرضها/تحميلها)، فهي تستند إلى: L. Wittgenstein. Wörterbuch für Volks- und Bürgerschulen. Wien, Hölder-Pichler-Tempsky, 1926. والنص بلغته الأصلية يقع في نطاق الملكية العامة في البلدان والمناطق حيث مدة حقوق الطبع والنشر هي حياة المؤلف بالإضافة إلى 70 عامًا أو أقل. نُشرت هذه الترجمة ضمن التعاون مع مشروع لودفيغ فتغنشتاين باللغة العربية. نُشرت هذه الترجمة في 2025 بموجب ترخيص المشاع الإبداعي الدولي 4.0.


لودفيغ فتغنشتاين

المقدمة لقاموس المدارس الابتدائية

يسعى هذا القاموس إلى سدِّ حاجةٍ ماسةٍ في تعليم الإملاء في عصرنا الحاضر، وهو ثمرة تجربة المؤلف وممارسته العملية. إذ رأى، في سعيه لتحسين تهجئة تلاميذه، أن من الضروري أن يمدَّهم بقاموسٍ، يرجعون إليه في أي وقت، فيجدون فيه ضبط الكلمة وتهجئتها. وكان غرضه أن يكون الرجوع إليه ميسورًا وسريعًا، وأن يُعينهم على ترسيخ الكلمة في أذهانهم ترسيخًا دائمًا. في غالب الأحوال، عند كتابة المقالات وتنقيحها، تصبح مسألة ضبط الكلمات وتهجئتها من الأمور التي تستدعي اهتمام الطالب. وكثيرًا ما تكون الأسئلة التي يسألها الطالب إلى معلمه أو رفاقه سببًا في تعطيلهم عن أشغالهم، وقد تؤدي إلى نوع من الكسل الفكري، وفي كثير من الأحيان تكون المعلومات التي يقدمها الزميل غير صحيحة. فضلًا عن أنّ ما يُلقى شفهيًا لا يرسخ في الذاكرة رسوخ الكلمة المكتوبة.

إن القاموس وحده هو الذي يجعل الطالب مسؤولًا تمام المسؤولية عن تهجئة ألفاظه، إذ يُعينه على معرفة أخطائه وتصحيحها متى أراد ذلك. ومع ذلك، فإن على الطالب أن يُحسن مقالته بنفسه، ليشعر بأنه مسؤول عن العمل ومؤلفه الوحيد، إذ أن التحسين المستقل هو الطريق الذي يُظهر للمعلم حقيقة علم الطالب وذكائه. وأما تصحيح الأعمال بين الطلاب لبعضهم وتبادل الدفاتر، فإنه يُفضي إلى تقديم صورة مشوشة عن قدرات تلاميذ الفصل، فلا أريد أن أستخلص من عمل الطالب "أ" ما يستطيع الطالب "ب" فعله، بل أريد أن أرى ذلك من عمله الخاص. والتحسين المتبادل لا يعكس المستوى الحقيقي للفصل، كما يُزعم أحيانًا (إذ يتعين على كل طالب أن يُقوم أعمال جميع زملائه، وهو أمر غير ممكن). كما أرى أن مثل هذا الإملاء المتوسط ليس مما يُعنى به المعلم، فلا ينبغي أن يكون "الفصل" هو من يتعلم الكتابة السليمة، بل يجب على كل طالب أن يتعلم ذلك على حدة.

وعليه، فقد كان تسليم الطلاب قاموسًا في أيديهم أمرًا لا بد منه؛ إذ إن القاموس الذي يُوصى به في كثير من الأحيان لا يفي بالغرض المطلوب. ففي كراسة الكلمات تُترك بضع صفحات فارغة لكل حرف من الحروف الأولية، ويقوم الطلاب بكتابة الكلمات المهمة، بالترتيب الذي تظهر به أثناء الدرس. وقد يكون هذا الكراس نافعًا لبعض الأغراض، إلا أنه لا يصلح ليكون مرجعًا يُغني عن القاموس؛ إذ إنه إما أن يحتوي على عدد قليل جدًا من الكلمات، أو أن البحث فيه يكون شاقًا ويستغرق وقتًا طويلاً، مما يجعله عديم النفع عمليًا.

إن الحديث عن القواميس يثير تساؤلات حول الاختيار المناسب. فلا يُعتد إلا بالقاموسين الصادرين عن دار نشر الكتب المدرسية. فالطبعة الكبيرة من نفس الكتاب، والتي سأسميها "القاموس الكبير" اختصارًا، فإنها تعاني من عيوب عديدة بالنسبة لمقاصدي. أولاً، إن موسوعية هذا القاموس يجعله مكلفًا للغاية، وهو ما يفوق قدرة أهل المناطق الريفية. ثانيًا، بسبب حجمه الكبير، يجد الأطفال صعوبة في استخدامه. ثالثًا، يحتوي هذا القاموس على كلمات كثيرة لا تُستخدم في حياة الأطفال اليومية، خاصة الكلمات الأجنبية، بينما يغفل كلماتٍ بسيطة ضرورية مثل: ثم "dann"، متى "wann"، أنا "mir"، أنت "dir"، أنت "du"، في "in"، وما إلى ذلك.

ولكن هذه الكلمات البسيطة، كثيرًا ما يخطئ الأطفال في كتابتها، فتكون سببًا لأخطاء مؤسفة لا يُستهان بها. ومن جهة أخرى، فإننا نفتقد في القاموس الكبير العديد من الكلمات المركبة والمشتقة، والتي ينبغي أن تُدرج في قاموس يُعدّ لطلاب المدارس الابتدائية، لأن الأطفال يعجزون عن تمييزها على أنها مشتقات أو مركبات، فلا يخطر ببالهم البحث عن جذورها. فعلى سبيل المثال، كلمة "مدخنة" "Rauchfang"، ينطقها الأطفال "Raufang"، أو قد يتعرفون عليها على أنها كلمة مركبة، لكنهم يخطئون في تحليلها، فيبحثون عن أجزاء مثل "ein" و"Name" بدلاً من "تناول" "Einnahme"، وهكذا.

ولهذه الأسباب، لم يكن القاموس الكبير مناسبًا للغرض الذي أردته، أما النسخة الصغيرة منه، فهي تفتقر إلى معظم الكلمات البسيطة والأساسية في الحياة اليومية. بل إن هذا الكتيب الصغير أقرب ما يكون إلى قاموس للكلمات الأجنبية، وهو الأمر الذي لا يُناسب حاجتي.

وفي هذه الحال العسيرة، عزمتُ على أن أملي قاموسًا على طلابي في الصف الرابع من مدرسة ذات خمس مراحل. وقد اشتمل هذا القاموس على ما يقارب ألفين وخمسمائة كلمة رئيسة، إذ إن قاموسًا أقل من هذا الحجم لم يكن ليحقق الغاية المطلوبة. ومن كان له خبرة في ميدان التعليم يدرك مشقة هذا العمل، الذي يهدف إلى أن يحصل كل طالب على قاموس سليم خالٍ من الأخطاء قدر المستطاع. ولتحقيق ذلك، كان لابد للمعلم من مراجعة كل كلمة مع كل طالب. -إذ لا تكفي المراجعة بالعينات. ولا أريد التحدث هنا عن الجهد الذي يتطلبه الانضباط-. وبعد أشهر من العمل، أُنجز هذا القاموس الصغير، واتضح أن هذا العمل كان يستحق العناء، إذ ظهرت ثماره في التحسن الملحوظ في إملاء الطلاب، فقد استيقظ لديهم الضمير الإملائي. ولكن هذه الطريقة، التي تقوم على أن تنشئ قاموس بنفسك، ليست بالأمر اليسير تنفيذُه على وجه العموم، لا سيما في المدارس ذات التنظيم الضعيف، وحتى في المدارس الأكثر تنظيمًا، فإنها تستغرق وقتًا طويلاً وتتطلب جهداً كبيراً، بحيث تفوق هذه العيوب المزايا التي يتمتع بها القاموس المُنشأ ذاتيًا مقارنةً بالقاموس الجاهز. ومن هنا، رأيت أن أُقدم على تأليف هذا القاموس.

إن المشكلات التي تظهر عند إعداد القاموس تتعلق باختيار الكلمات وترتيبها. وقد كان لي في اختيار الكلمات أسسٌ حاسمة، وهي على النحو الآتي:

  1. ينبغي أن يتضمن القاموس فقط على الكلمات المألوفة لطلاب المدارس الابتدائية في النمسا. ولهذا، استبعدتُ كثيرًا من الكلمات الألمانية الفصيحة التي لا تُستعمل في النمسا، مثل: الماكر "abgefeimt"، قرد "äffen"، تكرار "bosseln"، كبير "erklecklich"، وغيرها. فلا بد من الاقتصاد في المساحة، إذ إن زيادة حجم القاموس تُصعب على الطالب البحث فيه، وتزيد من كلفة الكتاب. ومن جهة أخرى، فإنه لا بد من تحقيق أقصى قدر ممكن من الشمولية في حدود الكلمات المألوفة؛ لأن تكرار محاولات البحث غير المجدية يجعل الطالب في حيرةٍ، ويثبط عزيمته عن الرجوع إلى القاموس عند الحاجة.
  2. لا توجد كلمة تعتبر سهلة بحيث يُستغنى عن إدراجها في القاموس، فقد شهدتُ من يكتب "wo" بإضافة حرف المد "h"، ومن يكتب "was" بضعف حرف "ss".
  3. تُدرج الكلمات المركبة في القاموس إذا كان يصعب على الطفل تمييزها من حيث إنها مركبات، أو إذا كان البحث عن جذورها قد يؤدي بسهولة إلى الوقوع في الخطأ.
  4. تُدرج الكلمات الأجنبية إذا كانت شائعة الاستخدام، ويُذكر مقابلها الترجمة الألمانية إن لم يكن ذلك معقدًا أو أشد غموضًا في الفهم من الكلمة الأجنبية.
  5. تُدرج التعبيرات العامية، بقدر تأثيرها في لغة العلم، مثل قدح "Heferl"، حزمة "Packel"، بِركة "Lacke"، وغيرها.

وفي بعض الحالات، لا شك أن اتخاذ القرار بشأن إدراج كلمة من عدمه يُعد أمرًا عسيرًا. إلا أن المسائل المتعلقة بترتيب الكلمات أشد تعقيدًا، إذ إن ترتيب الكلمات لا يعتمد فقط على مبدأ الترتيب الأبجدي، بل تتداخل فيه مبادئ أخرى متقاطعة، وتحديد أي هذه المبادئ يكون الحاسم في حالة بعينها غالبًا ما يرجع إلى الرأي الشخصي للمؤلف. ومن هذه المبادئ، على سبيل المثال، أن تُلحق الكلمات المشتقة بكلمتها الجذرية، بحيث تُجعل الكلمة الجذرية هي الأساس، وتتبعها الكلمات المشتقة معها في السطر ذاته، أو في أسطر متتالية تُكتب بصورة مائلة إلى الداخل (الأسطر مسننة). بيد أن هذا المبدأ يتعارض مع مبدأ الترتيب الأبجدي. خذ على سبيل المثال كلمات مثل: قديم "alt"، مذبح "Altar"، سن الإنسان "Alter"، عصر قديم "Altertum"، عتيق "altertümlich". فإذا اتبعنا الترتيب الأبجدي هذا، فإننا نجد أن كلمتي "alt" و"Alter"، وهما مترابطتان في المعنى، قد تفصل بينهما كلمة "Altar"، التي تختلف عنهما في الدلالة. ولكن جمع الكلمات المترابطة في المعنى مرغوب فيه، لأسباب تتعلق بتوفير للمساحة. إلا أن هذا المبدأ، إذا طُبق، يستلزم أن تُضم كلمتا: "Altertum" و "altertümlich" أيضًا إلى كلمة "alt"، فتُقدمان على كلمة "Altar"، وهو ما يبدو غير طبيعي، ويُصعّب على القارئ العثور على الكلمات المشتقة الأكثر تعقيدًا. ولذلك، فقد رتبت الكلمات في هذا المثال على النحو التالي:

alt, das Alter

der Altar

Das Altertum, altertümlich

إلى آخره.

لقد أوردتُ هذا المثال هنا لأنه يُظهر كيف أن ترتيب الكلمات يخضع لعدة آراء متباينة، يصعب في كثير من الأحيان الموازنة بين أحقية أطروحاتها المتعارضة. قد يرى البعض أن مبدأ الترتيب الأبجدي ينبغي أن يكون هو المبدأ السائد الوحيد (كما طُبق، على سبيل المثال، في قاموس "Weideschen"). غير أن الترتيب الأبجدي المحض، الذي يُدرج كلمات متباينة المعنى بين كلمات شديدة الارتباط، يتطلب من الطفل قدرةً عاليةً على التجريد، وهو في رأيي غير مستحسن من حيث فهم الكلمات، كما أنه لا يحقق – وهو أمر بالغ الأهمية – الاقتصاد في المساحة.

وكذلك فإن الالتزام الصارم بأي مبدأ ثابت يؤدي إلى ترتيبات لا تتناسب مع غايتنا، ولذا فلا مناص من التخلي عنه، مهما كان يسهل العمل على المؤلف. بل الأجدى هو انتهاج سُبل التسوية مرة بعد مرة. ففي بعض الحالات، يؤدي إلحاق الكلمات المشتقة بكلمتها الجذرية إلى التباس، بينما في حالات أخرى لا توجد مثل هذه المخاطر. وفي بعض المواضع، تكون الكلمة الجذرية غير شائعة، بينما تكون المشتقة شائعة الاستعمال، مما يجعل تقديم المشتقة على الجذرية أمرًا مستحسنًا. وهنا يجدر إدراج كلمة مركبة بجانب الكلمة الرئيسية لتوضيح معناها وتجنب سوء الفهم، وقد يكون ذلك غير ضروري، وهكذا. ولو أردتُ تسويغ ترتيبي في عددٍ كبيرٍ من الحالات، لاستغرقت كثيرًا من الوقت، لكني أؤكد أنني تأملتُ في كل حالة بدقة وروية. إذ تتقاطع في كل مرة اعتبارات نفسية (مثل: أين سيبحث الطالب عن الكلمة؟ وكيف يُمكن حمايته من الالتباس؟)، مع اعتبارات نحوية (مثل: الجذر والاشتقاق)، ومطبعية (المساحة المستخدمة، ووضوح النص). ومن هنا، قد تظهر للمُقَيِّم السطحي في كل خطوة تناقضات تبدو تعسفية، لكنها في الواقع نتيجة تسويات بين تلك الاعتبارات الحاسمة.

أما استخدامي للطباعة الغامقة، فقد خصصته، إلى جانب إبراز الكلمات الرئيسية، لكل موضع أردت فيه إبراز الكلمات أو الأحرف المفردة وجعلها ظاهرة للعيان. والأسباب الداعية لذلك في كل حالة بعينها لا أظن أنها تخفى على ذي بصيرة. ومع ذلك، لم يكن من الحكمة أن ألتزم بمبدأ واحدٍ صارمٍ في تقرير ما إذا كان ينبغي طباعة كلمة أو حرف بخط عريض أم لا (كأن تُطبع جميع الكلمات الجذرية بالخط العريض بينما تُترك الاشتقاقات بغيره).

وأما حرف "ß"، فقد عاملته، حيث كان مؤثرًا في الترتيب الأبجدي للكلمات، باعتباره صوتًا بسيطًا لحرف "s". إذ بدا لي أن الترتيب المعتاد، الذي يلحقه بـ "ss"، غير طبيعي في عدد كبير من الحالات، بحيث يُصعّب على الأطفال العثور على الكلمة المطلوبة. على سبيل المثال، عندما تُدرج كلمات مثل: واسع النطاق "ausgiebig"، معلومة "Auskunft"، استثناء "Ausnahme"، وغيرها. بين من "aus" والخارج "außen"، فإن الطالب يقرأ "aus"، ثم لا يجد ما يبحث عنه تحت "ause"، فيفكر قائلاً: "آه، إذن أعلم بالفعل كيف تُكتب "ausen". ومع ذلك، لا يخفى أن ترتيبي هذا قد يؤدي أحيانًا إلى بعض التكلف، لأن "ß" في الإملاء المعاصر يُستخدم مرة كـ "sz"، ومرة كـ "ß"، مما يجعله ينتمي إلى موضعين مختلفين من الترتيب الأبجدي وفق السياق.

وبالنسبة لتقديم أداة التعريف قبل الكلمة الرئيسية، فأرى أن ذلك يُيسر الفهم ويحول دون الوقوع في الأخطاء. لذا، ألحقتُ بكل الأسماء أدوات التعريف الخاصة بها (باستثناء بعض الكلمات المركبة)، لأنها تُبرز الكلمة من حيث هي اسم. وأما أداة التعريف المُضافة بعد الكلمة، فيسهل على الطفل أن يغفلها أو أن يربطها خطأً بالكلمة التي تليها. وأحسب أن وضوح الترتيب لم يتأثر بهذا الترتيب الجديد.


أوتيرتال 22.4.1925.

المؤلف.


This translation was made available on this website thanks to the cooperation with مشروع لودفيغ فتغنشتاين (Ludwig Wittgenstein Project)

Logo hi dark claim.png

مشروع لودفيغ فتغنشتاين · Learn more