محاضرة في علم الأخلاق: Difference between revisions

no edit summary
No edit summary
No edit summary
 
Line 66: Line 66:
الآن الإجابة عن كل هذا ستبدو واضحة للعديد منكم. ستقولون لي: لكن إذا كانت بعض التجارب تستميلنا دائما إلى إعطائها الميزة التي نسميها قيمة وأهمية مطلقة أو أخلاقية، فإن هذا يظهر ببساطة أن ما نريد التعبير عنه بهذه الكلمات هو ليس اللغو، وأنه بعد كل ما نريد التعبير عنه عندما نقول إن تجربة ما مطلقة هو ببساطة واقعة مثل الوقائع الأخرى وأن كل هذا يختزل إلى واقع كوننا لم ننجح بعد في إيجاد التحليل المنطقي لما نريد التعبير عنه بعباراتنا الأخلاقية والدينية. الآن كلما وجّه هذا ضدي، فسأرى بوضوح فورا، كلمح البصر، أنه ليس فقط لا يوجد أي وصف بإمكاني التفكير فيه سيكون قابلا للتطبيق على ما أريد قوله بالقيمة المطلقة، بل أيضا أنني أرفض كل وصف هام قابل للاقتراح من أي كان، منذ البداية وفقًا لأهميته.
الآن الإجابة عن كل هذا ستبدو واضحة للعديد منكم. ستقولون لي: لكن إذا كانت بعض التجارب تستميلنا دائما إلى إعطائها الميزة التي نسميها قيمة وأهمية مطلقة أو أخلاقية، فإن هذا يظهر ببساطة أن ما نريد التعبير عنه بهذه الكلمات هو ليس اللغو، وأنه بعد كل ما نريد التعبير عنه عندما نقول إن تجربة ما مطلقة هو ببساطة واقعة مثل الوقائع الأخرى وأن كل هذا يختزل إلى واقع كوننا لم ننجح بعد في إيجاد التحليل المنطقي لما نريد التعبير عنه بعباراتنا الأخلاقية والدينية. الآن كلما وجّه هذا ضدي، فسأرى بوضوح فورا، كلمح البصر، أنه ليس فقط لا يوجد أي وصف بإمكاني التفكير فيه سيكون قابلا للتطبيق على ما أريد قوله بالقيمة المطلقة، بل أيضا أنني أرفض كل وصف هام قابل للاقتراح من أي كان، منذ البداية وفقًا لأهميته.


بمعنى: أرى الآن أن هذه العبارات عبارة عن لغو، وأنها لم تكن كذلك لكوني لم أجد العبارات الصحيحة، إنما لكون اللغو هو ماهيتها. إن كل ما أردته من هذه الأعمال هو أن أتجاوز حدود العالم، أي أن أتجاوز حدود اللغة. إن كل ما أردته من هذه الأعمال، وأعتقد أن كل من حاول الكتابة أو التحدث عن الأخلاق أو الدين أراده، هو الصدام مع حدود اللغة.
بمعنى: أرى الآن أن هذه العبارات عبارة عن لغو، وأنها لم تكن كذلك لكوني لم أجد العبارات الصحيحة، إنما لكون اللغو هو ماهيتها. إن كل ما أردته من هذه الأعمال هو أن أتجاوز حدود العالم، أي أن أتجاوز حدود اللغة.إن كل ما أردته من هذه الأعمال، وأعتقد أن كل ما أراده من حاول الكتابة أو التحدث عن الأخلاق أو الدين، هو الصدام مع حدود اللغة.


وهذا الصدام ضد جدران قفصنا أمر ميؤوس منه تماماً. إن علم الأخلاق لا يمكن أن يكون علماً ما دام ينبع من الرغبة في قول شيء ما عن المعنى النهائي للحياة، والخير المطلق، والقيمة المطلقة. إن ما يقوله لا يضيف إلى معرفتنا بأي حال من الأحوال. ولكنه يعكس اتجاهاً في العقل البشري لا يسعني إلا أن أحترمه احتراماً عميقاً، وألا أسخر منه طيلة حياتي.
وهذا الصدام ضد جدران قفصنا أمر ميؤوس منه تماماً. إن علم الأخلاق لا يمكن أن يكون علماً ما دام ينبع من الرغبة في قول شيء ما عن المعنى النهائي للحياة، والخير المطلق، والقيمة المطلقة. إن ما يقوله لا يضيف إلى معرفتنا بأي حال من الأحوال. ولكنه يعكس اتجاهاً في العقل البشري لا يسعني إلا أن أحترمه احتراماً عميقاً، وألا أسخر منه طيلة حياتي.